Menu

بين غسان كنفاني ونجيب سرور 

هاني حبيب

نشر في العدد 26 من مجلة الهدف الرقمية

قبل أيام؛ استمعت إلى الأجزاء الأخيرة من أحد البرامج الذي تبثّه إحدى القنوات الفضائية، وكان يشارك عدد قليل من المتحاورين حول غسان كنفاني ، وما لفت انتباهي إشارات تقدّم بها أحد المناقشين الذي تساءل فيما لو أنّ كنفاني ما زال على قيد الحياة، وشاهداً على ما يجري اليوم، هل سيستكمل كنفاني روايته الأولى رجال في الشمس؟ وهي رواية قصيرة كما كل رواياته، بحيث ربما يعدل مقولته الأساسية: "لماذا لم تدقّوا جدران الخزّان"، لكي تعدّل بحيث تشير الرواية أنّهم دقّوا جدران الخزّان؛ مراتٍ ومرات، لكنّ أحداً لم يسمعهم وربما سمعهم البعض إلّا أنّهم لم يكترثوا أو لم يستجيبوا لصرخاتهم.

شخصية أبو الخيزران هي الشخصية المحورية في هذه الرواية؛ قائد الشاحنة؛ مهرّب مقاتل سابق؛ فاقداً لفحولته، ومنهمكاً في الاستماع إلى موظّف تمكّن من إلهائه، بما أمكن للنهاية أن تكون بهذا القدر من المأساوية الدموية. المقاربة قد تكون أكثر وضوحًا، مع ما تشهده في الساحة الفلسطينية على ضوء المتغيرات التي شهدتها الأعوام الأخيرة، وفي سياق رجال في الشمس، فإن المقاربة تصل إلى رمزيتها القوية، ابتداءً من التطبيع، مرورًا بطبيعة القيادة التي تتولى نظامنا السياسي، وصولاً إلى المتغيرات العاصفة التي لا بد وأن تنتج عن الحرب الأخيرة على العاصمة الفلسطينية، والتحولات التي من شأنها أن تستند إلى هزيمة نتنياهو بعد حربه المجنونة على قطاع غزة في سياق الحرب على هوية العاصمة الفلسطينية.

إحدى أهم مفردات الغناء الشعبي المصري، هي البحر بيضحك ليه، إلّا أنّ نجيب سرور؛ قام بمراجعة المثل الشعبي الفلكلوري مراجعة نقدية، لهذا عندما أجاب عن سؤال الأغنية بأن البحر ما بيضحكش؛ البحر غضبان ما بيضحكش أصل الحكاية ما تضحكش؛ البحر جرحه ما بيدبلش، جرحنا وعلى عمره دبل، والتي أنشدها الشيخ إمام.

نجيب سرور؛ قام بالمراجعة، بينما لم يتمكن كنفاني من القيام بذلك، ولعل في استكمال فكرة أن المشكلة ليس فقط أنهم لم يدقوا جدران الخزان، بل حتى لو قاموا بذلك ودقوا هذا الخزان فعلاً، فهل هناك من يستمع أو يستجيب؟!